الأزمات الإقليمية والدولية
انطلاقا من تاريخها النضالي الممتدة جذوره عبر الآف السنين والتزاما منها بمبادئ إعلان أول نوفمبر 1954، سعت الجزائر منذ استقلالها إلى إرساء السلام والأمن في محيطها المباشر وعلى المستويين الجهوي والقاري وكذا في العالم، متبنية مقاربة تدعو إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والتسوية السلمية للنزعات والأزمات وكذا الخلافات بين الدول. كما سعت إلى إرساء أواصر حسن الجوار والتعاون مع دول مختلف الفضاءات الجغرافية التي تنتمي إليها.
يصبو هذا الالتزام كذلك إلى احترام المبادئ والأهداف المنصوص عليها في كل من ميثاق منظمة الأمم المتحدة والعقد التأسيسي للاتحاد الإفريقي.
وبهذه الروح، أطلقت الجزائر، بمبادرة منها أو بطلب من الأطراف المتنازعة، عدة وساطات لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر حول مسائل متنازع عليها، كلل معظمها بالنجاح، على غرار الوساطة الجزائرية بين العراق وإيران في قضية الخلاف حدودي بينهما التي توجت بتوقيع على اتفاق الجزائر سنة 1975م.
كما التمس من الجزائر التوسط بين الولايات المتحدة الأمريكية والجمهورية الإسلامية الإيرانية لحل قضية رهائن السفارة الأمريكية في طهران، حيث كللت هذه الوساطة تحت رعايتها بإطلاق الرهائن، في سنة 1980م. كما عملت بلادنا بين 1980م و1982 م لحل النزاع المسلح بين العراق وإيران.
على الصعيد الإفريقي، واستناداً إلى تجربتها القوية في مجال تسوية النزاعات والوساطة، بادرت الجزائر بالتوسط بين إثيوبيا وإريتريا، ونجحت في مسعاها، حيث تم توقيع اتفاق السلام بين البلدين في الجزائر العاصمة، عام 2000.
كما أدارت الجزائر عدة عمليات وساطة في دولة مالي كي يستعيد هذا البلد الشقيق والجار، السلم والأمن والاستقرار ويحفظ وحدته واستقلاله، لا سيما مع إبرام اتفاق السلم والمصالحة في مالي، في الجزائر العاصمة، سنة 2015 م في إطار الوساطة الدولية. وفضلا عن ذلك، بادرت الجزائر بإطلاق مهمة مساعي حميدة بين مصر والسودان وإثيوبيا حول خلافهم حول سد النهضة.
على الصعيد العربي، جمعت الجزائر مختلف الفصائل الفلسطينية لتحقيق وحدة عمل الفلسطينيين في نضالهم من أجل إقامة دولتهم المستقلة، ضمن أفق انعقاد قمة جامعة الدول العربية المقرر التئامها في الجزائر العاصمة يومي 1 و 2 نوفمبر 2022.
وفي إطار تعزيز نشاط الجزائر في مجال الحفاظ على السلم والأمن الإقليميين والدوليين، و الحفاظ على مصالحها الإستراتيجية والحيوية وحماية جاليتها بالخارج، في حالة اندلاع أزمات، أنشأت وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج مديرية عامة مكلفة باليقظة الإستراتيجية واستباق الأزمات وإدارتها، أنيط بها المهام التالية:
- وضع استراتيجية الوقاية والاستجابة لحالات المخاطر والأزمات التي يمكن أن تمس بالمصالح الحيوية للجزائر، ومتابعة تنفيذها بالتنسيق مع القطاعات المعنية؛
- استباق حالات المخاطر عن طريق يقظة مستمرة، ومتابعة المؤشرات الأولية والمعلنة عن بؤر عدم الاستقرار والأزمات المختلفة التي يمكن أن تؤثر في المصالح الوطنية للجزائر؛
- القيام بمهمة نقطة الاتصال بين المؤسسات الوطنية المعنية والممثليات الدبلوماسية والقنصلية الأجنبية المعتمدة في الجزائر، وكذا كل الأطراف الوطنية أو الأجنبية المعنية بوضعية الأزمة؛
- التعاون والتنسيق مع الهياكل المختصة في وزارة الشؤون الخارجية والمؤسسات الوطنية والممثليات الدبلوماسية والقنصلية في الخارج، من أجل تنفيذ سياسية الدولة الرامية إلى حماية أفراد الجالية الوطنية المقيمة بالخارج في حالة وقوع أزمة.
وتنفيذا لهذه المهام، تتابع وزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، عن كثب وبصفة دائمة، جميع الأزمات الإقليمية والدولية التي يحتمل أن تؤثر على مصالح الجزائر والجالية الجزائرية في الخارج.