آسيا وأوقيانوسيا
- تحتل القارة الآسيوية مكانة جد هامة على الساحة الدولية، سواء كان ذلك من الناحية السياسية أو الجيوستراتيجية، ناهيك عن تأثيرها البارز في دوائر الاقتصاد والمال والتجارة العالمية. فبفضل مساحتها وتعدادها السكاني، تعتبر أكبر قارة على وجه المعمورة، حيث تمتد على مساحة 44,5 مليون كلم² ، وهو ما يشكل حوالي 30% من أراضي العالم. كما تضم ما يقارب 4,5 مليار نسمة، وهو ما يعادل 60% من سكان العالم.
- تعود العلاقات بين الجزائر والدول الآسيوية لحقبة الكفاح المشترك لنيل الاستقلال، حيث شارك وفد عن جبهة التحرير الوطني في "مؤتمر باندونغ" المنعقد بأندونيسيا، في الفترة ما بين 18 إلى 24 أفريل 1955، والذي جمع لأول مرة ممثلين عن 29 دولة إفريقية وآسيوية. ولكونه إلتأم أشهر قليلة فقط بعد اندلاع ثورة الفاتح نوفمبر 1945 المجيدة، فقد شكل هذا المؤتمر منعطفا حاسما في مسار تدويل القضية الجزائرية.
- على إثر ذلك، وحتى قبل نيل الجزائر استقلالها، اعترفت العديد من الدول الآسيوية بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية وأقامت معها علاقات دبلوماسية، كما تم فتح ممثليات لجبهة التحرير الوطني وللحكومة المؤقتة في عدة عواصم آسيوية.
بعد استقلال الجزائر، تعززت العلاقات مع القارة الآسيوية في إطار الجهود المشتركة للدفاع عن مصالح الدول النامية وفي إطار حركة دول عدم الانحياز، وكذلك في خضم الدعم المقدم من قبل بلادنا لمختلف القضايا العادلة لدول المنطقة، على غرار الفيتنام. كما لم تتوانى الجزائر عن تقديم المساعدة لنضال الشعوب الآسيوية التي بقيت تحت نير الاستعمار من أجل تقرير مصيرها، مثل نضال شعب تيمور الشرقية.
- عرفت القارة الآسيوية خلال العشرين سنة الماضية تحولات عميقة ناتجة من جهة، عن صعود قوى اقتصادية أصبحت بمثابة القاطرة الجديدة للاقتصاد العالمي، ومن جهة أخرى، بفعل مسارات الاندماج في المنطقة التي تجاوز تأثيرها الإطار الجهوي.
فمجموعة الـ20 ، التي تتألف من الدول الأكثر تصنيعا في العالم، تضم خمسة دول عن القارة الآسيوية، وهي الصين وجمهورية كوريا والهند واندونيسيا واليابان، وهي كلها من الفاعلين الأساسيين في العديد من الملفات الدولية، مثل التغيرات المناخية والأزمة المالية والإختلالات الاقتصادية الكونية والمفاوضات التجارية.
- من جانب آخر، فبدخل إجمالي داخلي يقارب 33.000 مليار دولار أمريكي ونمو اقتصادي يفوق باقي مناطق العالم، أضحت منطقة آسيا وأوقيانوسيا تشكل واحدة من أبرز مراكز الثقل العالمي في ميدان المبادلات الاقتصادية والتجارية العالمية. وينتظر عودة نشاط الأسواق التجارية الآسيوية لإعادة بعث الاقتصاد العالمي الذي تأثر بشدة على إثر جائحة كوفيد – 19.
- تتدخل دول القارة الآسيوية أيضا، وبشكل حاسم، في تطور التجارة العالمية للسلع والخدمات. فالصين واليابان وجمهورية كوريا وسنغافورة تعد من بين أهم عشرين دولة من حيث التصدير والاستيراد في العالم. كما نهجت العديد من الدول الأخرى النامية في المنطقة نفس المنوال، على غرار الهند وميا نمار وتايلاند ولاوس والفلبين وكمبوديا والفيتنام وبنغلادش. ومع بدء العمل بمنطقة التبادل الحرة لآسيا والمحيط الهادي، ابتداء من 15 نوفمبر 2020، غدت الأخيرة أكبر منطقة تبادل حر في العالم.
- وانطلاقا من عمق الروابط التاريخية واستنادا للاعتبارات السالفة الذكر، يعد تطوير العلاقات السياسية والاقتصادية والمبادلات التجارية والثقافية مع دول منطقة آسيا وأوقيانوسيا من أولويات السياسة الخارجية للجزائر.
فمن الناحية السياسية، تعمل الجزائر على دعم روابط الصداقة وتعزيز المشاورات السياسية مع الدول الآسيوية على المستوى الثنائي وفي إطار المحافل الجهوية والدولية، وهو ما يؤكده تطابق وجهات النظر وعديد المواقف المشتركة للطرفين تجاه القضايا الجهوية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
- كما أقامت الجزائر علاقات دبلوماسية مع العديد من الدول الجزرية المستقلة بأقيانوسيا ( جمهورية فانواتو عام 1986، جمهورية جزر فيجي في سبتمبر عام 2010، جزر سليمان بتاريخ 11 جوان 2012، توفالو في 12 جوان عام 2012 و جمهورية جزر مارشال بتاريخ 29 سبتمبر 2019).
- من الناحية الاقتصادية، تحتفظ الجزائر بعدة شركاء في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وهم على وجه الخصوص، جمهورية الصين الشعبية وجمهورية كوريا واليابان والهند وفيتنام وماليزيا وزيلندا الجديدة وأستراليا.
- من جانب آخر، تتواجد المؤسسات الآسيوية بقوة في الجزائر حيث تقوم بإنجاز مشاريع تنموية عبر تنفيذ صفقات عمومية، عقود مناولة وإنجاز دراسات في قطاعات البناء والأشغال العمومية والنقل والطاقة والموارد المائية والبيئة.
في مجال المبادلات، يميل الميزان التجاري بشكل واسع لصالح الشركاء الآسيويين، وفي مقدمتهم الصين والهند وجمهورية كوريا واليابان. وتتشكل الصادرات الجزائرية نحو هذه الدول أساسا من المحروقات والمواد الطاقوية والمنجمية، كالبترول والغاز والفوسفات والأمونياك.
- كما تصدر الجزائر نحو دول المنطقة بعض المنتجات خارج المحروقات، مثل الفلين والجلود والرخام وأنابيب الحديد و الفولاذ من أشكال وأصناف مختلفة، بالإضافة للخضر والفواكه خاصة التمور وزيت الزيتون، مع العلم أن السوق الآسيوية تمنح فرص متنوعة للمصدريين الجزائريين والتي يتم استغلالها في إطار التوجهات الجديدة الرامية لإعطاء دفع قوي للصادرات خارج المحروقات.
- تتركز استثمارات الدول الآسيوية في الجزائر أساسا في قطاع المحروقات، بالرغم من عديد الفرص المتاحة والتسهيلات الممنوحة من قبل الجزائر والتي يمكن أن تسمح بإقامة المزيد من مشاريع التعاون والشراكة في عدة قطاعات على أساس قاعدة رابح -رابح.
انضمت الجزائر، منذ 27 ديسمبر 2019، إلى البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، الذي تم إنشاؤه في إطار المبادة الصينية الحزام والطريق.
جميع الحقوق محفوظة - وزارة الشؤون الخارجية و الجالية الوطنية بالخارج